في 11 آب/أغسطس 2025، شهدت بغداد توقيع اتفاقية أمنية جديدة بين العراق وإيران، وُصفت بأنها الأوسع من نوعها منذ اتفاق آذار/مارس 2023. الاتفاق منح طهران دورًا أكبر في مجال التعاون في ضبط الحدود ومكافحة الإرهاب.

من وجهة نظر بغداد، الاتفاقية ضرورية لمواجهة تحديات متفاقمة، خصوصًا في إقليم كردستان حيث تنشط جماعات معارضة إيرانية مسلحة. الحكومة العراقية وجدت في طهران شريكًا جاهزًا لملء الفراغ الأمني الذي خلّفه تراجع الحضور الأميركي.

لكنّ هذه الخطوة لم تمرّ مرور الكرام. واشنطن سارعت إلى انتقاد الاتفاقية، معتبرة أنها توسّع النفوذ الإيراني على حساب سيادة العراق، فيما تابعت أنقرة والرياض ودول الخليج التطور بقلق بالغ. تركيا تخشى من أن يقوّي هذا الاتفاق موقع طهران في الشمال العراقي، فيما ترى العواصم الخليجية أن العراق يترسّخ أكثر كساحة نفوذ إيراني.

التجربة السابقة، أي اتفاق آذار/مارس 2023، كانت قد أدت إلى إبعاد جماعات المعارضة الإيرانية من قواعدها في كردستان. غير أن الاتفاق الجديد ذهب أبعد من ذلك، إذ وسّع التعاون العسكري المباشر بين بغداد وطهران، وفتح الباب أمام تبادل معلومات استخبارية وتنسيق عمليات ميدانية.

ردود الفعل الداخلية في العراق بدورها لم تكن موحّدة. فالقوى المقرّبة من إيران رأت في الاتفاقية "ضمانة للاستقرار"، بينما عبّرت أصوات كردية وسنّية عن مخاوف من انتقاص سيادة الدولة وإدخال العراق في محور إقليمي لا يتفق مع مصلحته الوطنية.

في المحصلة، يجد العراق نفسه أمام معادلة صعبة: بين التعاون مع إيران لضبط حدوده وأمنه الداخلي، وبين الحفاظ على علاقته بالولايات المتحدة وشركائه العرب. أمّا إيران، فهي ترى في الاتفاق إنجازًا استراتيجيًا، يرسّخ حضورها على حدودها الغربية.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل سينجح العراق في إدارة هذا التوازن الدقيق، أم أن الاتفاقية الجديدة ستفتح الباب أمام جولة جديدة من التجاذب بين طهران وواشنطن على أرضه؟

المصدر: خاص غرب آسيا